الخميس، 26 أكتوبر 2017

تمثالٌ من صَلْصال!


صانع الفَخَّارِ يَلْقَى في صُنع الَجَرَّةِ عَناءً كبيراً ،ثم يَبيعُها لشابٍ عابثٍ ويقول له : 

_ ستكون مسروراً من بضاعتي ، إنه عمل تَّم في وجداني ، وسيخدم أبنائك و أحفادك! 

يمضي الصانع و زملاؤه في طريقهم ، فيشاهدون مجموعة من الشباب يحملون جِرَارَ الفخَّار الجميلة ، التي اشتروها منهم ، ثم يضعونها على هاوية جبل ، ويرشقونها بالحجارة ، وكأنهم تراهنوا أيٌّهم يكسر عدداً اكبر منها ! 

تكسَّرَت الجِرَارَ وسقطَتْ في الهَاوية ، والشباب يرقصون و يضحكون ! 

يركض صانعو الفَخَّارِ إلى الشباب بغضبٍ و هم يصرخون: 

_ ماذا تصنعون أيها الأشقياء ؟ أنتم لا تُقَدِرون قيمة الكنز الذي في أيديكم ! 

_ و لماذا تغضبون ؟ لقد بعتم بضاعتكم و أخذتم ثمنها ، و نحن أحرار فيما نفعل فيها .

_ و لكن هذه الجِرَار عزيزة علينا ، و قد كلَّفتنا جهدًا لتصبح هكذا ، و وضعنا في طينها كثيراً من جهدنا ، و بعض أرواحنا حتى أصبحت شيئاً جميلاً مفيداً ، و ها أنتم يا قليلي الإيمان تحولنها إلى شظايا و تعبثون بها! 


قرأت هذه القصة الجميلة في رواية (بلدي) لرسول حمزاتوف.. و بالمناسبة يوجد في ((اليوتيوب)) مقطع له في نهاية عمره انبجست فيه روحه الآدمية التي تجمع الخطيئة والندم عليها ،فهو في المقطع يعلن ندمه على أخطائه وزلاته بخشوع وانكسار ، وفي آخر مقابلاته كان يقول : حياتي كلها كانت مسوَّدة تحتاج إلى تصحيح! 

وجدت في القصة معنى رمزيًّا يشجب الإعتداء على الحياة الإنسانية من تجار الحروب وقتلة الشعوب؛ الذين يكسرون الفَخَّار بعدما نقفخت فيه الرٌّوح.. فينالون سخط الله ومقتله ولعنته وعذابه.. فلا تقتلوا أنفسكم. 

{خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ}. الصَّلْصَال هوَ: الطِّين اليابس؛ الذي يُسمع له صوتٌ إذا ضُرب، وهو يشبه الفَخَّار الذي تُصنع منه الجِرَار.














هناك 3 تعليقات: